Monday, November 25, 2024
x

 علاقة العرب بالمسيحيين أثناء الحكم الإسلامي

كان الفتح الفاطمي لمصر في عهد المعز لدين الله رابع الخلفاء العبدوين بالمغرب ودخلوا مدينة الفسطاط (مصر) بقيادة جوهر الصقلي في السابع عشر من شعبان 5358 (7 يوليو سنة 967).

يعود الفضل في تتويج الجامع الأزهر بهذه الصفة الجامعية الخالدة إلى الوزير ابن كلس الذي أصبغ عليه لأول مرة صفة المعاهد الدراسية ورتب له أول فريق من الأساتذة الرسميين. ولقد كان ابن كلس وزيرًا عظيمًا وعالِمًا جليلًا بل كان عبقريًا سياسيًا حقًا.
وهو أبو الفرج يعقوب بن يوسف بن كلس واسمه يدل على أصله الذمي، ذلك أن ابن كلس كان يهوديًا نشأ ببغداد وغادرها في شبابه إلى الشام واشتغل هناك بالتجارة وأثقلته ديون عجز من أدائها ففر إلى مصر في عهد كافور الإخشيدي واتصل به وقام له ببعض الأعمال والمهام المالية فأبدى في أدائها خبرة وبراعة وطاف بريف مصر يحصل الأموال ويعقد الصفقات حتى تمكنت منزلته لدى كافور وأثرى وكثرت أمواله وأملاكه ثم ثابت له فكرة في الأخذ بنصيب من السلطة والولاية ورأى الإسلام خير طريق لتحقيق هذه الغاية وكان قد بلغه أن كافور قال في حقه “لو كان هذا مسلمًا لصلح أن يكون وزيرًا”. فدرس قواعد الإسلام وشرائعها سرًا في شعبان سنة 5356 ودخل جامع مصر (جامع عمرو) وصلى به الصبح في موكب حافل ثم ركب في موكبه إلى كافورا فخلع عليه واشتهر أمره وعلت منزلته فتوجس وزير مصر جعفر بن الفرات من تقدمه واخذ يدس له الدسائس فخشى ابن كلس العاقبة وفر إلى المغرب ولحق بالمعز لدين الله الخليفة الفاطمي وهو يومئذ ينظم مشروعه لغزو مصر وظل في خدمته إلى أن فتحت مصر على يد جوهر الصقلي.  . ولما قدم المعز إلى مصر بأهله وأمواله وجيوشه في رمضان 5362 قدم معه ابن كلس وقلده المعز شئون الخراج والأموال والحسبة والأحباس وسائر الشئون المالية الأخرى فأبدى في إدارتها وتنظيمها براعة وزاد الدخل زيادة واضحة ثم عهد إليه بشئونه الخاصة ولما توفى المعز بعد ذلك بقليل فوض ولده العزيز بالله إلى ابن كلس النظر في سائر أموره ثم لقبه بالوزير بالقصر بضعة أشهر ثم أطلقه ورده إلى مناصبه وتضاعفت منزلته لدى العزيز وغدا أقوى رجل في الدولة وكان من أكبر بناة الدولة الفاطمية بمصر.

وليس غريبا أن يحرز رجل مثل ابن كلس تلك المكانة الرفيعة في ظل الدولة الفاطمية مع انه يهودي الأصل والمنشأ فقد كانت الخلافة الفاطمية تصطنع الذميين والصقالية وتوليهم ثقتها وقد ولى وزارتها الرئيس بن فهد وعيسى بن نسطورس وبن عبدون وتولى وزارة الدولة بعدهم كثيرون منهم في مختلف العهود.