Friday, November 22, 2024
x

كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث

لا إيمان ولا أعمال بدون هذا الدم. إن الإيمان هو إيمان بدم المسيح، والأعمال هي أعمال مؤسسة على استحقاقات دم المسيح. وكما يقول الرسول بولس: (بدون سفك دم لا تحدث مغفرة) (عب 9: 22).

فما هو اذن مركز دم المسيح في قضية الخلاص؟ وما هو مركز الإيمان..؟ وما هو مركز الأعمال؟
الأعمال بدون دم المسيح
لا يوجد خلاص إلا بدم المسيح، جميع الأعمال الصالحة مهما سمت، مهما علت، مهما كملت، لا يمكن أن تخلص الإنسان بدون دم المسيح.

لذلك فان الأبرار الذين أرضوا الرب بأعمالهم الصالحة في العهد القديم، انتظروا هم أيضا في الجحيم إلى أن أخرجهم منه السيد المسيح بعد صلبه.

ان الأعمال الصالحة وحدها لا يمكن أن تخلص الإنسان بدون الإيمان بدم المسيح وإلا كان الوثنيون ذوو الأعمال الصالحة يخلصون بأعمالهم ‍‍!! حاشا.

وكقاعدة عامة أقولها لكم:

جميع الآيات التي وردت في الكتاب المقدس تهاجم الأعمال، هي عن الأعمال وحدها بدون دم المسيح، أو عن أعمال الناموس (الخاصة بشريعة العهد القديم).

لذلك عندما يقول الرسول: (لا بأعمال في بر عملناها) (تى 3: 5)، أو عندما يقول: (ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد) (أف 2: 9) إنما يقصد الأعمال وحدها بدون دم المسيح. وهكذا إن وجد إنسان يعمل أعمالا صالحة، وهو غير مؤمن، فان بر الناموس هذا لا يفيده شيئًا وأعماله الصالحة وحدها لا تخلصه بدون الإيمان.

مثل هذا الشخص غير المؤمن، تقول له: أن أعمالك كلها لا تكفئ آمن بالرب يسوع فتخلص.

هناك فرق جوهري أساسي بين الكلام الذي يقال للمؤمن، والكلام الذي يقال لغير المؤمن. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). في حديثك مع غير المؤمن، يجب أن تحطم جميع الأعمال، كلها بدون دم المسيح لا تفيد شيئا، مثل هذا تقول له: أن أعمالك لا تخلصك.. الذي يخلصك هو دم المسيح. إن دم المسيح هو نقطة البدء في موضوع الخلاص.

ولكن بعد أن يؤمن، ينبغي أن تحدثه عن الأعمال الصالحة التي تليق بإيمانه، لأن الإيمان بدون أعمال ميت. (يع 2: 20)

لماذا لا يكون الخلاص إلا بدم المسيح..؟

1- الخطية هي عصيان لله، وتعد على حقوقه، وعدم محبة له..

والله غير محدود، إذن فالخطية غير محدودة لأنها موجهة ضد الله غير المحدود.

ومهما عمل الإنسان فان أعماله محدودة، لذلك لا تغفر الخطية إلا كفارة غير محدودة..

ولا يوجد غير محدود إلا الله. لذلك لم يكن هناك حل لمغفرة الخطية سوى أن يتجسد الله ذاته ويموت. ويكون موته كفارة غير محدودة، توفى عدل الله غير المحدود، في الاقتصاص من الخطية غير المحدودة. الموجهة ضد الله غير المحدود.

2- هذا الكلام ينطبق على خطيئة آدم كما ينطبق على خطية أي إنسان، لأن الخطية هي الخطية، وعدل الله هو هو، وعقاب الخطية تفتقدنا، وقد افتقدنا فملا وخلصتنا بدم المسيح الذي به وحده الخلاص.

3-من أجل هذا قال معلمنا بولس الرسول: (متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح، الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السابقة) (رو 3: 25 ). وقال أيضًا: (الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة، لا بمقتضى أعمالنا، بل بمقتضى القصد والنعمة التي أعطيت لنا) (2 تى 1: 9).

وقال أيضا: (لا بأعمال في بر عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس) (تى 3: 4، 5). وقال أيضا: (لأنكم بالنعمة مخلصون، بالإيمان. وذلك ليس منكم، هو عطية الله. ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد) (أف 2: 8).

وقال أيضا: (فان كان بالنعمة، فليس بعد بالأعمال، وإلا فليست النعمة بعد نعمة) (رو 11: 6).

إننا نورد هذه الآيات التي يستخدمها البروتستانت، ولا نخبئها، لأننا لا ننكر نعمة الله علينا، ولا ننكر خلاص الله المجاني الذي أعطاه لنا، ولا ننكر أننا كنا كلنا (أمواتا بالذنوب والخطايا (أف 2: 1).

ولولا دمه الأقدس لهلكنا جميعًا.

ولكننا نضع هذه الآيات في موضعها الحقيقي، ونعترف أننا خلصنا بدم المسيح.

4- ولكننا نقول أن دم المسيح شيء، واستحقاق دم المسيح ش آخر. إن دم المسيح كاف لمغفرة خطايا العالم كله، فهل حظى العالم كله بالغفران؟!

لقد (أحب العالم حتى بذل ابنه الوحيد) (يو 3: 16) فهل خلص العالم كله بهذا البذل، أم خلص فقط (كل من يؤمن به)؟

إذن فدم المسيح موجود، مستعد، مستعد أن يخلص، وكاف للخلاص، ولكن للخلاص شروطا يجب أن تستوفى حتى يكون الخاطئ مستحقا لهذا الدم الذي به الخلاص.

وهكذا أيضا يقول يوحنا الحبيب في رسالته الأولى عن المسيح أنه (كفارة لخطايانا. ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضا) (1 يو 2: 2) كفارة المسيح إذن غير محدودة تكفى لمغفرة جميع الخطايا لجميع الناس في جميع الأجيال، في الماضي وفي الحاضر وفي المستقبل.

ولكن مع وجود دم المسيح هناك أشخاص هلكوا، وأشخاص يهلكون، وأشخاص سيهلكون! ذلك لأن استحقاقات دم المسيح لها شروط معينة.