تأملات في الأسبوع الرابع من الصوم الكبير – السامرية
هذا أحد السامرية، تلك المرأة الرائعة،
التى سلمت نفسها للمسيح تماماً، بعد
أن كانت قد سلمت نفسها للشيطان تماماً.
إنها التوبة الجذرية الرائعة، التى
حولت الخاطئة إلى قديسة، والمعثرة إلى خادمة،
والعطشانة إلى كارزة حية،
نجحت فى تبشير مدينة كاملة، وفى تعريفهم برب المجد يسوع.
لكن – وبلاشك –
أن الأروع منها بما لا يقاس هو رب المجد يسوع، الذى استطاع أن يحدث فيها
هذا التغيير،
الذى يعجز عن اتيانه أعظم الوعاظ، ولا يستطيعه إلا الإله
المتجسد الفادى!
+ + +
1- لابد له أن يجتاز السامرة:
لم تكن هناك
حتمية أن يجتاز السيد المسيح على السامرة، إذ كان يمكن أن يعبر الأردن
ليبتعد عنها، قادماً من اليهودية جنوباً إلى الجليل شمالاً.
ولكنها حتمية
الحب، فهو يعرف بسبق علمه، وبقوة لاهوته، أن هذه المرأة الخاطئة ستكون على
البئر لتستقى عن الظهيرة، إذ كانت تفعل ذلك فى عز الحرّ،
حتى ر يكون هناك
أحد على البئر، فكل الفتيات كن يستقين الماء من البئر فى الصباح الكبير،
حيث الشمس هادئة،
والاحتياج للماء فى الإغتسال وإعداد الطعام، يناسبه
الصباح الباكر.
2- سوخار؛ وبئر يعقوب:
هى
قرية بجوار السامرة،حيث بئر يعقوب، والتى كانت عين ماء تنبع من بئر عميق،
موجودة منذ زمن قديم.
ولا شك أن ماءها كان عذباً كمياه الينابيع، لهذا كان
يشرب منها يعقوب وبنوه ومواشيه، أى منذ أكثر من 16 قرناً من الزمان.
جاءت
لتستقى من هذا الماء الذى يعطى الحياة للجسد، ومن هذه البئر، التى يمكن أن
نسميها بئر الاحتياجات البشرية.
ففى أعماق الإنسان احتياجات أساسية نجملها
فيما يلى:
أ- الحاجات البيولوجية: أى اللازمة لحياة الجسد كالطعام والشراب…
ب- الحاجات النفسية: مثل الحاجة إلى الحب والأمن والنجاح والتقدير والإنتماء والخصوصية والمرجعية…
ج- الحاجات العقلية: كالحاجة إلى المعرفة والدراسة والتفكير والعلوم وإعمال العقل فى شئون الحياة والمستقبل.
د-
الحاجات الروحية: كالحاجة إلى اللانهائى، ففى أعماق الإنسان عطش مطلق غير
محدود، لا تشبعه لا المادة ولا العلم ولا الخطايا…
ومن خلال المسيح
اللامحدود ننال غفران خطايانا، والتخلص منها، والوصول إلى الملكوت…
3- الماء الحىّ:
لقد استطاع رب المجد أن يرفع أبصار السامرية:
+ من الجسد إلى الروح. + ومن الخطيئة إلى القداسة.
+ ومن الذات إلى المسيح. + ومن الأرض إلى السماء. وهكذا إذ أعطاها من ماء الحياة، الذى نالته باعترافها بخطاياها، وتوبتها عنها، ثم بالشبع بالمسيح… تحول فيها الماء الذى شربته، ماء النعمة، إلى ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية… وهنا… دخلت السامرية إلى الاستنارة (إذ عرفت المسيح)، والإرتواء (إذ اشبعها من نعمته)، والاغتسال (إذ تابت عن خطاياها)، والإثمار (إذ صارت كارزة أمينة وناجحة).
0 comments