Saturday, September 21, 2024
x

السامرية >>يسوع .. غيّر لديّ مفاهيم الحياة.. جعلني اكره الخطيئة..

ذهبت الي البئر، وجدته فارغًا، ولم أجد المرأة التي كنت أبحث عنها، يا تري أين ذهبت ؟! عيناي سقطت الي جوف البئر، فرأيت وجهي الحزين.. أنتظرت قليلًا حتي تأتي تلك المرأة التي أبحث عنها.. الشمس قاربت علي المغيب ولم تأتي.. انا في حيرة من أمري.. وبعد الانتظار.. قررت الرحيل بعد ان أصابني خيبة امل..

ولماذا الرحيل ؟!.. لماذا العجلة من أمري ؟! هل أجلس أكثر ؟!.. تساؤلات حاضرتني وانا جالسًا علي طرف البئر.. تنازلت عن فكرة الرحيل.. فأبقيت أنتظر المرأة علي أمل انها تأتي والتقي بها.. تعبت جفوني.. ذهبت الي مكانا قريبا من البئر لأستريح فيه.. فراحت عيوني في النوم..

ومع دقات الساعة السادسة مساءًا.. استيقظت علي سماع صوت إمرأة ترنم.. ماسكة في يدها جرة ماء.. صوتها كان أنيقًا.. رقيقًا.. لا يزعج الاذان.. ذهبت الي البئر.. نظرت إليها بشغف وقلت: ها أنتي السامرية..

قالت نعم.. انا هي.. فماذا تريد مني ؟!

أريد ان أجلس معكِ وأحاورك.. لديّ تساؤلات كثيرة.. فأنا أعمل صحفيًا وأريدك ان تجاوبيني

ضحكت وقالت: هل أنتظرتني كثيرا؟! ..

نعم أنتظرتك وكنت فاقد الأمل حتي اللحظات الأخيرة.. ولكن كان لديّ إصرار علي مقابلتك..

وماذا تريد ان تعرف؟!

فجأة وقف لساني عن التكلم.. كيف أبدأ؟!.. أخشي ان تنزعج من تساؤلاتي.. أخشي أن تغضب مني ؟!.. نظرت الي عينيها فقط لدقائق ليست بقليلة.. وهي تنتظر أن أتحدث.. قلت لها: لقد رأيتي يسوع.. ألطيفًا حقًا ؟! وجهه جميلًا وفرحًا.. أليس كذلك ؟!

قالت: نعم.. يسوع كان أجمل رجل رأيته في حياتي.. غيّر لديّ مفاهيم الحياة.. جعلني اكره الخطيئة.. وأومن بالحياة الأبدية ونعيمها.. سأجاوبك بصراحة.. فأنا لم أفهمه في البداية وكان يتحدث معي بألفاظ يصعب عليا أنا كإمراة فقيرة وجاهلة فهمها.. ولكن بساطته جعلتني أستوعب ما يقصده ..

هل كنتِ تتوقعينِ ان يحدثك ويطلب منك شيئًا ؟!

لا.. لم اكن اتصورا مطلقًا أن يحادثني.. او يطلب مني ليشرب.. لأنه رجل يهودي وأنا إمراة سامرية

لماذا ذهبتي الي البئر بمفردك ؟!

انا إمراة فقيرة.. ليس لديّ خادم ليُحضر لي ماءً من البئر ..

ماذا قولتي ليسوع حينما طلب منك الماء ليستقي ؟

اندهشت كثيرا لأنني لم اتوقع هذا الأمر.. فقلت له: ” كيف تطلب مني لتشرب وانت يهودي وانا إمرأة سامرية ؟!.. ولكن رد عليّ وقال: لو كنت تعلمين عطية الله ومن هو الذي يقول لك أعطيني لأشرب لطلبت انت منه فأعطاك ماءً حيًا

وهل شرب يسوع ؟!

ليس مهمًا في الماء الذي نعرفه ولكن أعطاني درسًا قويًا في الماء الحي الذي يعيطيه لنا.. ماء يشبع ولا يجوع.. أريد ان أبلغك بما قاله لي: كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضا ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد، بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية.. وبالتالي هو كان يقصد عطشه لخلاص نفسي الخاطئة والساقطة.. انه يريد خلاص الخطاة من العطش الروحي.. يريد ان يسقيهم من ملكوت الله

لماذا لم تسأليه هل هو المسيا أم لا ؟!

فعلت كما قلت.. وكان رده حاسمًا معي.. قال لي: انا الذي اكلمك هو

ماذا كان رد فعلك حينما كشف عما كنت تفعلينه في بيتك مع عشيقك.. وأيضًا كنتِ متزوجة من خمس رجال؟

بالفعل كنت متزوجة من خمس رجال.. وكنت زانية مع عشيقي في بيتي.. وهذا الأمر لم يعرفه احدًا.. أصابتني دهشة عميقة.. وسألت نفسي في تلك اللحظة.. كيف عرف ما اخفيه ؟! أو ما لا يعرفه كرجل غريبًا عني ؟! .. ولكن كان رجلًا لم..

ماذا كان يريد يسوع من هذه المقابلة ؟!

الحب للجميع.. الخلاص للجميع.. انه درسًا قويًا لنا جميعًا.. وفي تلك اليوم أراد يسوع أن يهدم في تلاميذه التعصُّب العنصري العِرقي، وأن يلاشي منهم التزمت المذهبي، وأن يقنعهم أن ملكوت الله ليس محصورًا في جماعة او فئة بعينها.. أراد ان يقول للكل الملكوت لكم جميعًا إذا أردتم ..

إذا أردتم ؟!!

نعم.. لأننا نحدد مصائرنا.. نحن لدينا القرار في ان ندخل ملكوت الله ام لا.. القرار في أيدينا.. انا أمنت به.. ولولا إيماني هذا فلا رأيت ملكوته.

بالتأكيد كان ابتهاجك كإمراة سامرية بمقابلة المسيح وسمعتِ كلامه وآمنتِ به، ولكن هذا السؤال قد يغضبك مني.. وهو ملحًا لديّ؟

قل ما تريد

لقد أسرعت إلى سوخار لتبشّرين مواطنيها بما حدث ولكن من يهتم بكلام امرأة ساقطة مثلك؟

سؤالك منطقي ومهم للغاية.. ولكن التغيير الذي حدث في قلبي ظهر في تغيير هيئتي ولهجتي وحركاتي، فاحترموا شهادتي..

كيف جاء قرارك بالحديث مع اهل مدينتك عن يسوع وما فعله معكِ.. وأنتِ لم يصدر لكِ أمرًا منه بالكرازة أو ليس لديك القدرة علي التبشير – بل سامحيني – فانتِ لست متعلمة؟!

بالفعل لم يأمرني السيد يسوع بأن أكرز له، وأيضًا لم أتدرب علي التبشير وفن الشهادة، ولكن أقواله ألهبتني وحماسته في تغيير ما كنت أفعله وأخفيه من خطيئة مظلمة.. توبيخه لي دون ان يجرح مشاعري.. لم يفضحني.. لم يعايرني بما كنت أفعله مع عشيقي.. وبالتالي إيماني به جعلني اكرز له دون ترتيب او حساب.. فكان قلبي هو من يكرز وضميري هو كان من يتحدث..

ماذا تحدثتي لأهل مدينتك ؟!

قلت: هلموا انظروا إنسانًا قال لي كل ما فعلت.. ألعل هذا هو المسيح؟ فطلبت منهم أن يحكموا في الأمر بعد أن يروه ويسمعوه.. فالمطلوب هو الدين في القلوب، والشريعة في العقول، والتهذيب في العادات.. لقد أدّيت شهادتي وتركت قرارهم في ضمائرهم وعقولهم.. نحن نريد ان نقدم نموذجًا مفيدًا في الإرشاد الإيماني .

حقًا.. أنتِ علي صواب

انني سعيدًا جدًا بمقابلتك بعد ان قرأت عنك الكثير.. ولكن لديّ طلب اخير ؟!

ما هو ؟!.. اطلب ما تريد

لعلك تزورين كل إمراة في العالم.. وتتحدثين مع كل رجل.. ولعلهم يؤمنون ويعرفون الماء الحي.. اما انا اتمني ان تزوريني كل عام.. وفي تلك الليلة أيضًا.. وسلامي لـيسوع وصلي امامه من اجلي.