استشهاد القديس مار مرقس الرسول الإنجيلي كاروز الديار المصرية
في مثل هذا اليوم من سنة 68م استشهد القديس العظيم مار مرقس الإنجيلي أحد السبعين رسولاً. كان يهودياً من سبط لاوي ودعي باسم يوحنا، واسمه الروماني مرقس (مرقس: كلمة لاتينية بمعنى طارق أو مطرقة). وُلِدَ في درنابوليس إحدى الخمس مدن الغربية بليبيا. والده أرسطوبولس هو ابن عم أو ابن عمة زوجة بطرس الرسول، وأمه مريم هي إحدى المريمات اللائي تبعن السيد المسيح، وهي أخت برنابا الرسول. ويَمُت القديس مرقس أيضاً بصلة قرابة للقديس توما الرسول.
هجمت القبائل الهمجية على أملاك أسرته في موطنه بليبيا ونهبتها، فاضطرت الأسرة للهجرة إلى فلسطين. وكان بيت مار مرقس هو المكان الذي يجتمع فيه الرب مع تلاميذه (أع 1: 13، 14)، وفيه حل الروح القدس يوم الخمسين (أع 2: 1 – 4)، وإليه لجأ القديس بطرس بعد أن أخرجه الملاك من السجن (أع 12: 12). ومرقس هو الرجل حامل جرة الماء، والذي أعد السيد المسيح الفصح في عِلِّيَّة بيته (مر 14: 13 – 15).
إن أول شخص اجتذبه مرقس إلى الإيمان هو أبوه، وذلك عندما كانا سائرين في طريقهما إلى الأردن فلاقاهما أسد، ولما أراد الأب أن ينقذ ابنه بالهروب، قال مرقس لأبيه: ” إن السيد المسيح الذي بيده نسمة كل منا لا يدعه يؤذينا “، ثم صلى فانشق الوحش، فآمن أرسطوبولس بالمسيح. وأصبح شعار مرقس الرسول هو الأسد بسبب هذه المعجزة، وأيضاً لأن بداية إنجيله ” صوت صارخ في البرية “(مر 1: 3).
وفي سنة 45م تقريباً صاحب مرقس بولس وبرنابا في رحلتهما الأولى، وبشر معهما في سلوكية (أع 13: 4، 5) وقبرص، وذهب معهما حتى برجة بمفيلية ثم فارقهما ورجع إلى أورشليم (أع 13: 13)، الأمر الذي آلم قلب القديس بولس فرفض أن يأخذ معه مرقس في رحلته التبشيرية الثانية. وتسبب ذلك في حدوث مشاجرة بين بولس وبرنابا حتى فارق أحدهما الآخر، فأخذ بولس سيلا معه، أما برنابا فأخذ معه مرقس ابن أخته وذهب إلى قبرص (أع 15: 36 – 41).
على أن القديس بولس عاد فعرف أهمية مرقس للخدمة فاستدعاه للخدمة معه في كولوسي. ومعروف أن مرقس اشترك مع بولس في تأسيس كنيسة روما، كما أن أهل البندقية وأكويلا بإيطاليا يقولون أنه بشرهم، ولكن كرازته الأساسية كانت في الإسكندرية والخمس مدن الغربية، وقد امتد كرسي مار مرقس بعد استشهاده إلى النوبة والسودان وإثيوبيا.
وصل القديس مرقس إلى الإسكندرية سنة 60م أو 61م، وعندما وصل إلى هناك تمزق حذاؤه بسبب طول المسافة التي قطعها سيراً على قدميه. فلجأ إلى إسكافي يدعى إنيانوس لإصلاح الحذاء، الذي ما أن بدأ في إصلاحه إلا ودخل المخراز في يده، فصرخ قائلاً: eic Qeoc
” ايس ثيئوس ” أي ” يا الله الواحد “، فتفل القديس مرقس على الأرض وصنع طيناً وطلى الإصبع فالتأم الجرح. وبدأ يحدثه عن السيد المسيح والخلاص الذي أتمه على الصليب، والقيامة المحيية، حتى آمن إنيانوس وكل بيته، فعمَدهم القديس مرقس، واتخذ من بيته مكاناً يجتمع فيه للخدمة والتبشير. وبعد أن آمن كثيرون أسس مار مرقس المدرسة اللاهوتية وعهد بإدارتها إلى القديس يسطس، الذي صار فيما بعد البطريرك السادس للإسكندرية. ثم وضع القديس مرقس القداس المعروف الآن بالقداس الكيرلسي.
ولما ازدهرت الكنيسة بالإسكندرية، اغتاظ الوثنيون وفكروا في قتله، فنصحه المؤمنون أن يبتعد قليلاً، فرسم إنيانوس أسقفاً على الإسكندرية حوالي سنة 62م تقريباً ومعه ثلاثة من الكهنة وسبعة من الشمامسة. ثم ذهب مار مرقس إلى الخمس مدن الغربية ابتداءً من سنة 63م إلى سنة 65م. وبعد ذلك ذهب إلى روما وحضر استشهاد القديسين بطرس وبولس سنة 67م، ثم رجع إلى الإسكندرية وعكف على الرعاية والكرازة.
وفي اليوم التاسع والعشرين من برموده سنة 68م، كان المسيحيون يحتفلون بعيد القيامة المجيد في كنيسة بوكاليا، وكان عيد الإله سيرابيس في نفس اليوم، فهجم الوثنيون على الكنيسة وقبضوا على القديس مرقس وجروه وهم يصيحون: ” جُروا التنين في دار البقر “. وبعد أن جروه وضعوه في سجن مظلم، وفي نصف الليل ظهر له ملاك الرب وشفاه وقواه، ثم ظهر له المخلص وعزاه.
وفي صباح اليوم الثلاثين من برموده، جروه أيضاً في شوارع الإسكندرية فتهرأ لحمه وسال دمه، ونال إكليل الشهادة. ثم فكروا في حرقه فهبت عاصفة مصحوبة بمطر غزير، فانطفأت النيران وتفرق الشعب، فأخذ المؤمنون جسده الطاهر، وصلى عليه القديس إنيانوس والكهنة والشعب ودفنوه في الكنيسة بإكرام عظيم. بركة صلواته فلتكن معنا. ولربنا المجد دائماً أبدياً آمين.
0 comments