لم أصبح الإنسان العربي “إرهابيا قبيحا متعطشا للدماء”؟
طالما لم تتحول الحرب الباردة إلى حرب حقيقية، ستظل الحرب الإعلامية هي ساحة الحرب الأساسية، ساحة يخسر فيها العرب والروس.
لا ينتصر في الحرب الأكثر عتادا وأسلحة، بل ينتصر فيها من يحارب حتى النهاية. من هنا تأتي محاولات العدو دائما التأثير على وعي الجماهير، بهدف كسر إرادة المقاومة والتقليل من شأن الصراع، من خلال محو تاريخ الأمة، وتبديل الحقائق بالأوهام، وخلخلة القيم والمسلمات الوطنية – وبذلك تكون نصف المهمة قد أنجزت.
مع فقدان الولايات المتحدة الأمريكية لزعامتها للعالم، بالتزامن مع تهاوي ضعها الاقتصادي، الذي سوف يتلوه تراجع في الزعامة العسكرية، إلا أن هناك قطاعا يتفوق فيه الأنغلوساكسون، وينتصرون نصرا ساحقا على العالم أجمع، وهذا القطاع هو قطاع الإعلام، فهم يمتلكون غالبية أدواته، التي يجيدون استخدامها بمهارة فائقة.
إن الأغلبية العظمى من وسائل الإعلام العالمية تستخدم في مصادرها وكالات غربية مثل الأسوشيتد برس ورويترز، لتصبح تلك الوكالات هي المحدد الرئيسي لما يقرأه ويسمعه ويراه البشر حول العالم في نشرات أخبارهم.
لكن تلك ليست الأدوات الوحيدة.
شاهدنا جميعا منذ الطفولة أفلام هوليوود، والتي تعوّد العالم فيها على نماذج الشخصيات الروسية كخارجين عن القانون وأعضاء في المافيا، يميزهم الغباء والفظاظة، ونماذج الشخصيات العربية كإرهابيين بدائيين وشخصيات دموية عنيفة.
دعنا اليوم نأخذ على سبيل المثال موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، الفكرة الإنسانية الرائعة، التي تهدف إلى تقارب البشر والشعوب، ومنحهم منصة للتواصل الاجتماعي. لكن كم كانت دواعي دهشتنا، حينما علمنا بمراقبة الفيسبوك للبيانات الشخصية لمستخدميه، ثم بيعها لشركات أخرى. كم كانت خيبة الأمل حينما اتضح أنالفيسبوك أداة في يد أجهزة الرقابة التابعة للسلطات الأمريكية، يحذف المعلومات والمصادر التي لا تعجب الولايات المتحدة الأمريكية.
لكن ما أريد الحديث عنه هو أداة أخرى.. موسوعة ويكيبيديا. وهي فكرة رائعة هي الأخرى، ومشروع يهدف إلى توحيد جهود الملايين من البشر المتحمسين على شبكة الإنترنت، للتعريف بكل الأشياء والمفاهيم والأحداث والشخصيات في هذا العالم. إلا أننا نفاجأ بأنها قد أصبحت أداة للتأثير على وعي بلايين البشر حول العالم.
فاللغة العالمية للتواصل هي الإنجليزية، ومعظم المعلومات المتاحة على الموسوعة موجودة باللغة الإنجليزية، والمعلومة المتاحة بهذه اللغة على الموسوعة هي المعلومة الأساسية التي سوف يقرأها الصيني والأرجنيني، حينما يريد التوصل إلى أي معلومة عن دول أخرى، أو أي شيء بالتفصيل. والويكيبيديا الإنجليزية تكتبها بالأساس الدول الأنغلوساكسونية.
بهذا الصدد دعونا نتعرف على عدد الضحايا من المدنيين للاحتلال الأمريكي للعراق من الويكيبيديا باللغة الإنجليزية! هل تتخيلون عددهم؟
صفر!! يبدو أنه لم يكن هناك ضحايا بالمرة، فلا ذكر لهم في المقال السابق على ويكيبيديا. في الحقيقة أنهم قد ذكروا في معبر الحديث عن ضحايا المواجهات بين السنة والشيعة، لكن لا يوجد أي معلومة عن أي ضلوع أمريكي في ذلك، أي أنه لا ذنب للأمريكيين البتة في ذلك، كل ما هنالك أن العراقيين يقتلون بعضهم بعضا…
دعونا نتعرف في ذات المقال على الكيفية التي دهس بها الجنود الأمريكيون بدباباتهم تراث الحضارة الإنسانية في بابل العراق، وكيف دمروا وسرقوا الجزء الأكبر من هذا التراث، هل تعرفون ما كتبته ويكيبيديا بهذا الصدد؟
إجابة سليمة! لا شيء. بل إن المقال لم يذكر أي شيء عن دور الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في سرقة التاريخ في أماكن أخرى بالعراق، ولم ترد كذلك كلمة واحدة بشأن استخدام القوات الأمريكية للتعذيب في سجن أبوغريب…
في المجمل، توجد روابط في المقال لقراءة مقالات أخرى في هذا الشأن، وربما كتب في تلك المقالات حول تلك الأحداث، إلا أن المقال الأساسي لا يتضمن حتى تلميحا للجرائم التي ارتكبتها الولايات المتحدة الأمريكية في العراق، وفي الأغلب سوف يتصور القارئ المبتدئ، أو القارئ العام أن مقال الويكيبيديا بهذا الشأن شاف وواف لجميع جوانب القضية، ولا حاجة للبحث فيما وراءه.
دعونا أيضا نقرأ ما تقوله الويكيبيديا الإنجليزية عن تنظيم القاعدة، يبذل كاتبو المقال قصارى جهدهم لإنكار أي دور للمخابرات المركزية الأمريكية في إنشاء التنظيم، بل وتضع الموسوعة ضمن الحلفاء المحتملين للتنظيم، كل من المملكة العربية السعودية وقطر.. لذا يتعيّن عليكم أيها الأخوة السعوديون أن تستعدّوا للدفع من أجل هذا أيضا…
وقس على ذلك.. يتكرر هذا الموقف مع كافة الأحداث التي يهتم الغرب بترسيخ رؤيته لها، بدءا من النكبة، وحتى غارات طائرات الناتو على طرابلس والحرب الأهلية في سوريا وغيرها. وعلى الأرجح، فلن يمكنك عزيزي القارئ أن تقرأ أي رؤية موضوعية واقعية متزنة في المقالات الإنجليزية بصدد أي من هذه الأحداث، بل ستقرأ فقط الرؤية الغربية لها.
يبدو الأمر من الخارج وكأنه لا مجال للإمساك بأي خطأ لويكيبيديا، فهي موسوعة لا تخضع لأي من الحكومات الغربية (؟) وبإمكان أي شخص أن يشارك في صياغة معلوماتها، بوصفها “إبداعا جمعيا”.. لكن الواقع يقول غير ذلك، فويكيبيديا هي أحد أقوى أسلحة الحرب المعلوماتية التي يستخدمها الأنغلوساكسونيون، لأن أي أمريكي أو بريطاني أو كندي أو أسترالي يشارك بالكتابة في الويكيبيديا الإنجليزية، لاشك سوف يكون مشبّعا، بطبيعة الحال والتكوين والنشأة، بالمعلومات التي زوّدته بها وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية، والأفلام الهوليوودية وغيرها من وسائل الدعايا الغربية.
من هنا يصبح مفهوما كيف يدور العالم بأجمعه، بما في ذلك العرب، في فلك ذلك الإعلام، ويستمتعون بأفلام هوليوود بأريحية، ودونما أدنى اعتراض، في الوقت الذي تعرض فيه أغلبية هذه الأفلام نموذجا “إرهابيا قبيحا متعطشا للدماء” للإنسان العربي. لقد خسر العرب الحرب المعلوماتية، بل ووقف بعضهم إلى جانب المنتصر الغربي يبرر مواقفه وسياساته، وهذا بحق انتصار ساحق للدعايا الغربية.
أما الروس، فعلى الرغم من خسارتهم أيضا لهذه الحرب، إلا أن الرقابة الغربية المتصاعدة الموجّهة ضد قناة RT، وبخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا تؤكّد على أن الوضع في الغرب يزداد سوءا يوما بعد يوم..
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
المسيحيون هم السبب لأنهم خافوا ولم يبشروا بالمخلص كما فعل الأجداد ولم يسمعوا لقول الرب لا تخافوا اللذين يقتلون الجسد
بل زادوا واصبحوا يستقبلوهم ويجلعوهم يعتقدون اننا جميعا نعبد الله واحد بحجة السلام والوطن ونسوا أن يطاع الله اولا
الحصاد كثير والرب قادر أن يرسل الفعلة الامناء ويحفظ الكنيسة فى الايمان المستقيم ووعده صادق أن أبواب الجحيم لن تقوي عليها.