Monday, November 11, 2024
x

سؤال: ما معنى قول بولس الرسول: “من زوج فحسنًا يفعل، ومن لا يزوج يفعل أحسن” (1كو38:7)

يسمح بولس الرسول بالزواج ويحسبه مستحقًا البركة, ولكن يقابله وضعه هو باهتماماته باللَّه مشيرًا إلى أن الأمرين ليسا متعارضين.

 وفي نفس الإصحاح يقول الرسول: “فأريد أن تكونوا بلا هَم. غير المتزوج يهتم في ما للرب كيف يرضي الرب.  وأما المتزوج فيهتم في ما للعالم كيف يرضي امرأته.  إن بين الزوجة والعذراء فرقا.  غير المتزوجة تهتم في ما للرب لتكون مقدسة جسدا وروحا.  وأما المتزوجة فتهتم في ما للعالم كيف ترضي رجلها.  هذا أقوله لخيركم ليس لكي ألقي عليكم وهقًا بل لأجل اللياقة والمثابرة للرب من دون ارتباك”.

هنا يوضح بولس لماذا البتولية مفضلة عنالزواج.  فإنها لا ترتبط بالجنس كأمر صالح أو خاطئ, إنما الموضوع هو القلق الذي تنزعه عن الفكر والتركيز على عبادة اللَّه.

طلب زوجة وأسرة أمر زمني. أحيانا من أجل حفظ سعادتهم يلزم ممارسة ما هو مستحق للعقوبة.  فيستحيل على الشخص الذي يتجه نحو العالم، ويرتبك باهتماماته، وينشغل قلبه بإرضاء الناس أن يتمم وصية السيد الأولى والعظمى: “تحب الرب إلهك من كل قلبك وكل قوتك”،(ستجد النص الكامل للكتاب المقدس هنا في موقع الأنبا تكلا) كيف يستطيع أن يحقق هذا وقلبه منقسم بين اللَّه والعالم، ويسحب الحب الذي مدين به للَّه وحده إلى مشاعر بشرية؟ “غير المتزوج يهتم في ما للرب كيف يرضى الرب، وأما المتزوج فيهتم في ما للعالم كيف يرضى امرأته”.

عندما يكون أمامنا سيدان لنختار أحدهما، إذ لا نستطيع أن نخدمهما معًا، لأنه “لا يقدر إنسان أن يخدم سيدين”. لذلك فإن الشخص الحكيم يختار السيد الأكثر نفعًا له. هكذا أيضًا عندما يوجد أمامنا زيجتان لنختار إحداهما، لا نستطيع أن نقيم عقد زواج مع كليهما، فإن “غير المتزوج يهتم في ما للرب كيف يرضى الرب، وأما المتزوج فيهتم في ما للعالم كيف يرضى امرأته”.  أكرر أن غاية العقل السوي ألا يفوته الاختيار الأكثر فائدة.

المرأة غير المتزوجة لديها حصن البتولية الذي يحميها من عواصف هذا العالم.  هكذا إذ تتحصن في حماية اللَّه لا تضطرب برياح، لذلك فإنه لكي نتأهل لكي نراه، سواء كنا في البتولية أو الزواج الأول أو الثاني لنسلك هكذا وهو أن نبغي ملكوت السموات خلال نعمة ورأفات ربنا يسوع المسيح الذي له المجد والقوة والكرامة مع الآب والروح القدس الآن وإلى الأبد آمين.

بولس يريد دائمًا الأفضل للمسيحيين.  فإن أحد بحق يريد أن يتزوج فالأفضل له أن يتزوج علانية بالسماح الممنوح له عن أن يسلك بطريقة رديئة ويكون في عارٍ خفية.

“وأما من أقام راسخا في قلبه وليس له اضطرار بل له سلطان على إرادته وقد عزم على هذا في قلبه أن يحفظ عذراءه فحسنًا يفعل”.

هنا يتحدث عمن وهبه اللَّه إرادة قوية ليُمارس حياة البتولية، وقد قضى فترة اختبار وأدرك قوة إرادته وإصراره على هذا الفكر، فلا يتراجع.

 

“إذَا من زوج فحسنًا يفعل، ومن لا يزوج يفعل أحسن”.

المرتبط بقيود الزواج مقيد, الآخر حرّ. واحد تحت الناموس والآخر تحت النعمة. الزواج صالح إذ خلاله ننال ميراث الملكوت السماوي واستمرار المكافآت السماوية.  والبتولية صالحة بالأكثر، حيث يكون تركيز الإنسان كاملًا في السلوك في طريق الله.

ولا تنسى أن كل هؤلاء الرهبان و القديسين، تم إنجابهم عن طريق الارتباط الجسدي بالزواج!  وهناك آلاف القديسين المتزوجين..  من أمثال القديسة مونيكا والدة أغسطينوس، والقديس سجا زاب وزوجته القديسة أجزهاريا والدا القديس تكلا هيمانوت وغيرهم كثيرين..  وكان مع الرب على جبل التجلي إيليا البتول وموسى المتزوج.  وكان سمعان أحد تلاميذ المسيحمتزوجًا…

إن الأمر اختياري، إن تزوجت فلا يوجد خطأ في هذا، بل هو حسنٌ.  وإن اخترت طريق البتولية، فهذا أحسن للأسباب السابقة.  ولكن كما قال الكتاب: “ليس الجميع يقبلون هذا الكلام، بل الذين أُعطي لهم..  مَنْ استطاع أن يقبل فليقبل” (إنجيل متى 11:19).