سؤال: هل الدردشة على الإنترنت حرام؟!
سؤال: هل الشات بين شاب وفتاه من كنيسه واحدة غير لائق وهو يكون على سبيل التعرف اكثر وتكوين علاقات طيبة ومحترمة؟
نص السؤال كما ورد: منذ أن أصبح الإنترنت في متناول أيدينا، أجد نفسي أجلس ساعات عديدة أتحادث مع كثيرين لا اعرفهم، ويطول الحديث حتى أصبحت تلك عادة لا أتحكَّم فيها بسهولة ولا تخلو من الأخطاء .. هل من علاج؟
الإجابة:
أولًا، أولًا، لا يوجد لدينا حرام وحلال! بل يوجد ما يوافق، وما لا يوافق.. كما قال بولس الرسول: “كل الأشياء تحل لي، ولكن ليس كل الأشياء توافق.. كل الأشياء تحل لي، ولكن ليس كل الأشياء تبني” (1كو12:6).
الدردشة ليست خطأ، ولكن الخطأ قد يكون في الاستخدام.. التعارف ليس خطأ، ولكن الخطأ قد يكون في الأحاديث التي قد تندرِج تحت بند التعارف.. قد تكونين فتاة ملتزمة، وتعرفين الحدود المناسبة في الحديث، ولكن الطرف الآخر قد لا يعرف هذا.. وقد تجدين نفسِك عُرضة لبعض الأسئلة أو التعليقات التي قد لا تكون في مصلحتك.. فيجب أن يكون الإنسان حكيمًا..
قد يستفيد الإنسان من برامج الدردشة والمسينجر مثل إم إس إن MSN أو ياهوو مسينجر Yahoo! Messenger أو سكايب Skype أو غيرهم في الكثير من الأمور.. مثل التأكيد على بعض الخدام أو الأشخاص في أمور معينة في الخدمة أو الافتقاد أو الدراسة أو غيرها.. وقد يستفيد البعض من هذه البرامج في العمل والتواصل مع الزملاء.. أو نقل الملفات، أو مشاركة أو الحديث في موضوعات هامة.. أو التواصل مع صديق أو قريب بعيد.. إلخ. وتجد الآن أيضًا بعض المواقع المسيحية التي قد تستخدم برنامج البالتوك (البال توك Paltalk) في إذاعة عظات أو مقابلات مع آباء كهنة أو أساقفة أو عمل بث مباشر أو غيره.. كل ما سبق قد يفيد وبه ما قد يضر حسب الاستخدام، وحسب التوجّه..
الإنترنت وسوء الاستخدام..!
بعد أن أصبحت شبكة الإنترنت في متناول الشباب والأطفال، أساء البعض استخدامها في اتجاهات خاطئة، والبحث فيها عن أشياء حسّية واتجاهات لم نعتاد عليها في مُجتمعنا، وأشياء تؤثر سلبيًا على حياتنا الروحية.
كيف نتجنّب سلبيات الإنترنت؟
كل اختراع له وجوه إيجابية مفيدة نافعة، وله وجوه أخرى سلبية، ويستطيع مُستخدِم شبكة الإنترنت أن يُحدّد ما يُريده بالضبط، ويرفض ما لا يتّفق مع الأخلاق والقيم والحياة الروحية، تمامًا مثل استخدام القنوات الفضائية حيث يختار المُستخدِم القنوات المُفيدة، رياضيةً كانت أم إخبارية أم علمية أم درامية.. إلخ، ولكنه يرفض اختيار القنوات التي تقدِّم الأفلام الخليعة وتثير في الفرد اتجاهات حسّية تُفسِد نقاوة قلبه، وتُبعِد به عن القداسة التي في المسيح يسوع.
ينبغي أن نُلاحظ هنا أن هناك شبكات كبرى تُتاجر بالجنس من أجل المال وتَعرِض مُنتجاتها على رواد شبكة الإنترنت.. فربما يدخل أحد الشباب على موقع ما بحثًا عن مادة علمية أو إخبارية أو ثقافية، فإذا به يجد إعلانًا عن موقع آخر له طابع جنسي، ومتى ضغط على الإعلان يجد نفسه وقد دخل بالفعل إلى موقع يَعرِض مادة جنسية رديئة، ويُتاجر بالأجساد ويُفسِد أذهاننا عن النقاوة المسيحية. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). .. وما علينا إلا أن نتجاهل الدخول في مثل هذه المواقع التي غالبًا ما تجُرّنا إلى مواقع أخرى أكثر منها فسادًا.
شبكة الإنترنت تُشبه شبكة نُلقيها في البحر، وحينما نجتذبها نجد بها أسماكًا جيدة وأخرى رديئة، وأخرى مُتعفّنة، وما علينا إلا أن نختار الجيد ونُلقي بالرديء في سلة القمامة..
ونحن هنا أمام عدة ملاحظات بخصوص استخدام شبكة الإنترنت:
1- حافظ على وقتك:
وقتك ثمين يا أخي، فلا تُضيّعه في ما لا يفيد.. فمنذ أن صارت شبكة الإنترنت في متناول الناس في الآونة الأخيرة وكثير من الشباب يلازمون الكمبيوتر، ويقضون ساعات طويلة مُتجوّلين بين مواقع الشبكة، وكأي شيء جديد يجتذب كثيرًا من المُنبهرين، ينسون أنفسهم معه لفترات طويلة دون أن يكون هدفهم الحصول على أية فائدة، تمامًا مثل من يتجوّل في الأسواق أيامًا وأيامًا دون أن تكون لديه أية رغبة في الشراء، ولكنه يقضي الوقت متفرِّجًا.. هذا يُذكّرنا بقول يوحنا الرسول “لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون..” (1يوحنا16:2).. وعليك أن تُدرك -أخي العزيز- أن وقتك أثمن من أن تفقده في تجوال ليس له عائد مُفيد.. استفد بوقتك، وحدِّد بالضبط ما تريده قبل أن تستخدم الإنترنت.
2- حافظ على مالك:
إن كنت مازلت تستخدم طريقة الدايل أب dial up للدخول على الإنترنت، فإن قضاء فترات طويلة أمام شبكة الإنترنت معناه استهلاك عدد كبير من المُكالمات التليفونية التي تتجمّع في النهاية إلى مبلغ ضخم، وتأتي فاتورة التليفون برقم مُخيف لا يُعادِل بأي حال من الأحوال الفائدة التي حصل عليها مُستخدِم الإنترنت.. وإن كنت حتى من مستخدمي الدي إس إل DSL، ربما تجد نفسك بحاجة للانتقال لسرعة أعلى بتكلفة أعلى، وذلك لتعظيم إشباعك من الإنترنت.. وحتى إن لم يكن لديك كمبيوتر أو إنترنت، ستجد نفسك زائرًا متكررًا لمقاهي الإنترنت Internet Cafè..
كل هذه المبالغ تُصرَف هباءً فيما لا فائدة فيه، وعليك أن تُدرِك أن مالك ثمين فلا تُضيّعه بلا معنى، وينبغي دائمًا أن تحسب نسبة التكلفة إلى الفائدة cost-benefit، ولا تُبدِّد مالك بل حافظ عليه لتستخدمه في شيء أكثر فائدة أو أعطه لفقير أو مُحتاج إن كنت ليس بحاجة إليه.
3- حافظ على صحتك الجسدية والنفسية:
لا تنسَ أن التركيز على شاشة الكمبيوتر ساعات طويلة يؤثِّر على الجهاز العصبي، وقد يؤثِّر على العينين، هذا بالإضافة إلى التأثير النفسي السلبي حينما يبقى الفرد مُغيَّبًا عدة ساعات لا يدري بما حوله، حيث يُركِّز على الأشياء (الكومبيوتر computer) ويقلّ اهتمامه بالأشخاص، مما قد يؤثِّر سلبيًا على علاقاته بالآخرين، حتى أن البعض يدخل في حالة من “الإدمان” للكومبيوتر الذي يتحوّل من وسيلة مفيدة عند الحاجة إلى هدف يحيا الفرد من أجله.
4- حافظ على حياتك الروحية:
قد يشغلك الكومبيوتر والإنترنت عن أمور مُهمّة في حياتك.. ربما يكون ذلك خَصْمًا من وقت الصلاة أو وقت قراءة الكتاب المُقدس أو وقت الخدمة، وقد تنبهر ببعض الاتجاهات الاستهلاكية والحسّية التي تروِّج لها شركات عالمية على شبكة الإنترنت مما يُضعِف اهتمامك الروحي
عليك إذن -أخي الحبيب- أن تُحدّد ما تريد بالضبط، وأن تضع هدفًا لحياتك، وهدفًا لكل أعمالك.. فإذا طبّقنا ذلك على استخدام الكومبيوتر والإنترنت فعلينا أن نستخدمهما بحكمة فيما نحتاجه بالضبط، ونقضي الوقت المناسب دون استهلاك لطاقتنا فيما لا يفيد، ونرفض أي شيء يضرّ بحياتنا النفسية والروحية.. لنضعْ كل شيء في موضعه المناسب..
“وليكن كل شيء بلياقة وبحسب ترتيب.” (1كورنثوس40:14).. والرب معك.
0 comments