ألمانيا واللجوء الكنسي
تتحرك الإدارة والعدالة في ألمانيا بأسلوب متشدد ضد اللجوء الكنسي. ولأول مرة مثُل رجل دين أمام المحكمة لأنه منح حق اللجوء الكنسي. والمحاكمة انتهت الآن بدون إصدار حكم نهائي
وقف رجل دين مسيحي في ألمانيا في قفص الاتهام بسبب منح اللجوء الكنسي ومعه اللاجئ المعني أيضا، وهو مواطن أفغاني. لكن المحاكمة التي تم متابعتها بنوع من التوتر انتهت الأربعاء بدون إصدار حكم نهائي. القس أولريش غامبيرت وجماعته الكنسية احتضنوا اللاجئ أكثر من عام في إطار ما يسمى باللجوء الكنسي، وبالتالي فإن القضاء اتهمه بالمساعدة على منح الإقامة غير الشرعية.
وحصل غامبيرت في البداية على أمر إداري بغرامة تجاوزت 4000 يورو، لكن بما أنه ااستأنف ضد القرار وصلت القضية على إثرها إلى المحكمة. وحسب تقييم الخبراء فإنه لأول مرة في ألمانيا يتم جلب رجل دين بسبب منح اللجوء الكنسي إلى المحاكمة وتوجيه التهمة إليه. وحتى اللاجئ المعني، رضا جعفري تلقى غرامة واعترض عليها. وحسب قرار المحكمة وجب عليه الآن مزاولة 80 ساعة من العمل ذي النفع العام.
مخالفة بسيطة
واعتبرت القاضية الآن وجود جرم ضعيف وعلقت المحاكمة ضد القسيس البالغ من العمر 64 عاما. لكن وجب على الذي يصفه مقربون بأنه هادئ ومتحفظ دفع غرامة مالية بمبلغ 3000 يورو لمؤسسة اجتماعية تتفق عليها جميع الأطراف. والمثير للاهتمام قانونيا في هذه القضية هو أنه لا يمكن تقديم طعن في الحكم بعد وقفه.
وعبرت الكنيسة البروتستانتية في ولاية بفاريا بعد القرار عن “سعادتها وارتياحها”. لكن عضو المجلس الكنسي في إدارة الكنسية المسؤول عن اللجوء، ميشاييل مارتن شدد على “أننا ككنيسة كنا نتمنى الحصول على توضيح مبدئي يكشف ما إذا كان منح اللجوء الكنسي مساعدة على الإقامة غير الشرعية”
.
وهذا الخلاف يثير حفيظة الكثير من الجماعات الكنسية الناشطة في مجال اللجوء الكنسي، إذ حصلت في نهاية تموز/يوليو في بعض البلدات المجاورة مشاهد غير مسبوقة في ألمانيا في السابق، بحيث أن مئات ممثلي الكنيسة ورجال الدين مشوا في مسيرات صامتة، رافعين لافتات كُتب عليها ” اللجوء الكنسي ليس جرما” أو “لكل شخص الحق في الحصول على الحماية من الاضطهاد”.
الخلاف يزداد حدة
وفي حالة غامبيرت يحصل خلاف يزداد حدة منذ سنوات حول اللجوء الكنسي على بُعد جديد. فمنذ الثمانينات تمنح مجموعات كنسية في حالات خاصة لأشخاص مهددين بالترحيل الحماية. وبهذا السلوك تتعارض موقف هذه الجماعات مع الوضع القانوني السائد، لكنها تستشهد بحالة الضرورة الإنسانية. لكن المسؤولين السياسيين ينتقدون باستمرار هذا السلوك. وفي سلسلة من الحالات اقتحمت قوات الأمن حرمة أروقة الكنائس وأنهت حماية اللاجئين. وتفيد مصادر كنسية أن مجموعات كنسية في بفاريا منحت مؤخرا في نحو 80 حالة اللجوء الكنسي، 35 بينها كان في مؤسسات بروتستانتية. وليس نادرا أن يكون الأشخاص المعنيون من افغانستان يخشون الترحيل إلى وطنهم أو العودة إلى بلد آخر. وعلى المستوى الاتحادي تشمل هذه العملية مئات الحالات في ألمانيا.
من جانبه، يضغط مكتب الهجرة واللاجئين بقوة على تنفيذ عمليات الترحيل حتى الذين يتمتعون باللجوء الكنسي ويشير إلى حكم صادر في منتصف 2018 ساري المفعول. لكن خبراء كنسيين ينتقدون ذلك بشدة. “من لايزال يحمل رأسه بين كتفيه لا يشكل في أعين مكتب الهجرة واللاجئين حالة اضطرارية”، كما قالت مؤخرا رئيسة مجموعة العمل الاتحادية “اللجوء في الكنيسة”، القسيسة البروتستانتية ديتليند يوخمس التي أوضحت الأربعاء (18أيلول/ سبتمبر) لـDW أن المحاكمة ضد القس غامبيرت تكشف “بشكل مثالي” عن وجود مشكلة ملحة.
وإذا ما سألنا رجال دين آخرين ناشطين في حالات أخرى من اللجوء الكنسي، فإنهم يقتسمون غضب يوخمس حول توجه مكتب الهجرة واللاجئين والمحاكم.
والقسيس غامبيرت كشف بعد المرافعة حول وقف المحاكمة عن ارتياحه، معتبرا أنه من المهم بالنسبة إليه أن يدفع فقط غرامة مالية وأنه “ليس من الناحية المبدئية جرما منح اللجوء الكنسي أو الاستفادة منه”
.
بين القانون والرحمة
وناشد مؤتمر الأساقفة الألمان في وقت سابق البلديات التأني في التعامل مع تقاليد اللجوء الكنسي بالنسبة للاجئين. وأكد الأساقفة الكاثوليك في بيان أنه يتعين على البلديات دائما معرفة الحالة الشخصية جيدا تماما لكل طالب لجوء على حدة في البداية، وشددوا على أنه يتعين على البلديات أيضا الالتقاء شخصيا في البداية باللاجئ أو اللاجئين. وجاء في البيان أيضا: “يتعلق الأمر في النهاية فيما يخص إصدار قرار لجوء كنسي بتحكيم الضمير”.
وأكد الأساقفة أنه من الممكن أن يكون مشروعا أيضا رفض طلب لجوء كنسي، وأوضحوا: “الرفض لا يعني أنه ليس هناك رحمة”.
ونشير إلى أن الحكومة الاتحادية اتفقت في عام 2015 مع الكنائس على إجراء منظم للجوء الكنسي، ينص على أن تخطر البلديات السلطات بكل حالة لجوء كنسي وتقوم بجمع ملف لكل حالة، على أن يفحص مكتب الهجرة وشؤون اللاجئين هذه الحالات مرة أخرى بعد ذلك.
وكان مكتب الهجرة واللاجئين قد شدد مسارات الإجراءات خلال العام الماضي، الأمر الذي انتقدته بعض الكنائس.
0 comments