“حراس النقاوة” عظة اليوم للبابا تواضروس الثاني.
بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين، تحل علينا رحمته ونعمته من الأن وإلى الأبد آمين.ونحن نحتفل بأيام عيد النيروز وتذكار الشهداء وغدًا تذكار القديسة رفقة وأولادها الشهداء هناك دائمًا سؤال يأتي على ذهني، الشهداء الذين نقرأ سيرتهم ونعجب بها سواء صغار أم كبار، رجال أم نساء، شباب أم شبات هل أصبحوا فجأة شهداء فيكون السؤال والأجابة أن كل شهيد ورائه أسرة في غالبية الأحيان وهذه الأسرة تبني، عندما نقوم بعمل مسح عام لكل سير الشهداء نجد أن الشهداء لدينا نوعين: ١. شهداء من أجل الإيمان٢. شهداء من أجل العفا ف والنوعين في كثير من سير الشهداء كانوا مرتبطين ويكون شهيد إيمان وشهيد عفاف، كما أن الجو العام الذي كان موجود في الإمبراطورية الرومانية في القرون المسيحية الأولى كان جو وثني والوثنية في الثلاث قرون الأولى لا تعرف العفة أو النقاء أو الطهارة، ولكن عندما بدأت المسيحية علمت الإنسان كيف يكون قلبه طاهرًا فكره نقيًا جسده طاهر علمت الإنسان هذه الفضائل فأصبحت العفة والطهارة سمات الإنسان المسيحي التي يجب أن يحافظ عليها يحافظ على جسده وفكره وقلبه، وعندما نذهب لأب الأعتراف نعترف بالأفكار السيئة التي تأتي لنا لأننا نعتبر الأفكار السيئة في مسيحيتنا خطية وأعترف بها كي انال نعمة من الله ويطرد هذه الأفكار الرديئة، في أيام الوثنية لم يوجد شيء اسمه خطية أو أن يحفظ عفة جسده لذلك كانوا يتعجبوا في قصص الشهداء، وفي سير الشهداء نتفاجئ بأشياء غير عادية، مثال في قصة الشهيدة فبرونيا وكانت عذراء عندما هجم عليها المضطهدين وأرادوا أن ينجسوها أبتكرت حيلة غريبة أن معها زيت ورثته من جدودها وإذا دهنت رقبتك به لا يؤثر فيك السيف، فتعجب من هذا الزيت وطلبت منه أن يجربه فيها أولًا وكانت النتيجة أنها ماتت بالسيف أمامه وارتعب… لهذه الدرجة الحفاظ على العفة والنقاوة.شهيد أخر عندما طلبوا منه أن يبخر للأوثان رفض فادخلوا عليه امرأة ساقطة وربطوا يده ورجليه يحكي لنا التاريخ أنه ضغط على لسانه باسنانه وجرحه فتدفق الدم وبثق هذا الدم في وجه هذه الإنسانة فارتعبت وخافت وتركته.وقصص الشهداء لا تنتهي… غدًا نحتفل بالقديسة رفقة وأولادها الذين قتلوا على أرجلها، القصص كثيرة جدًا. أريد أن أخرج من كل هذا أن الذي جعلهم شهداء وشهيدات وحافظوا على نقاوتهم وعفتهم هى الأسرة. لذلك كلمة اليوم بعنوان “حراس النقاوة”من يحرس النقاوة عند الإنسان اليوم؟ ونحن في القرن ٢١، حراس النقاوة وهذا أمر يخص التربية، التربية لها خمس مصادر في حياة الإنسان: ١. الأسرة ٢. المدرسة ٣. الكنيسة ٤. الأصدقاء ٥. الإعلام هذا هو تسلسل التربية المضبوطة: استلم من بيتي واتعلم في المدرسة وأخذ من كنيستي ومن أصدقائي وأخيرًا الميديا، الذي يحدث من عشرين أو ثلاثين سنة مع انتشار الميديا الواسع في العالم أن هذه المنظومة تبدلت وأصبح نمرة واحد الميديا ونمرة اثنين الأصدقاء ثم الكنيسة ثم المدرسة وأخيرًا الأسرة والسبب في ذلك ضغوط إجتماعية إقتصادية ونفسية، وصارت الوضعية مختلفة عن التربية التي تربينا بها زمان، أولادنا الذين ولدوا من عشرين سنة اتولدوا في جو من الميديا الكامل هذا زمنهم، ولكن هذه المصادر تغيرت، فهل هيطلع أولادنا مثل الأجيال التي نسمع عنها فيهم نقاوة وطهارة؟! القديس بولس الرسول بلغ تلميذة تيموثاوس وقال له “أحفظ نفسك طاهرًا”.أصبحت الصورة لها إحصائيات مرعبة أن الطفل الذي عمره من ٨-١٨ سنة يشاهد كل أسبوع ٥٠ ساعة على الميديا، ماذا يشاهد؟ وماذا يتعلم؟ والأب والأم غير موجودين.اليوم نتكلم عن حراس النقاوة… كيف نحرس نقاوة أولادنا؟…عدو الخير يستغل هذا الأمر.هناك خمس نقاط ارشادية لكي ما نكون حراس لأولادنا:١- أنت كأب وأنت كأم ربنا أوكلكم أن تكونوا حراس على أسرتك، فأنت مسئول أن تحدد كمية الميديا التي يشاهدها أولادك، ويجب أن تشبع أولادك من كلمة ربنا لأن الطفل الصغير مثل الأسفنجة يمتص ما يقدم له بالأخص من السن الصغير أكثروا من قرأة الإنجيل أمامهم والقصص لأن كل ما تزرع فيهم الإنجيل أنت تزرع مخافة الله لأن السيد المسيح قال” اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ ” فأنت تزرع الروح أن يكون ابنك عنده روح وحي، أنت تزرع فية روح وحياة من خلال الكتاب المقدس.٢- يجب أن تعلم أولادك منذ الصغر مهارات التميز الذي نسميها في الحياة الرهبانية “فضيلة الأفراز” أي يفرز الجيد من الردئ، يجب أن أفهم ابني وبنتي أن العلاقات الجسدية لا تأتي إلا مع الزواج ويجب أن تكون علاقاتنا بحساب وعندما يسمح الله بالأرتباط فيكون لها تواجد، عندما يشاهد الطفل أفلام الكارتون ويرى الأمير يقبل الأميرة فهذا يغرس في الطفل أن هذا الأمر عادي، ومثال في إعلانات السيارات وتكون بجانبها بنت جميلة فهذا استخدام للمرأة يحط من قدرها…أرجوك تاخذ بالك العربية سلعة للاستهلاك لكن المرأة إنسانه ليست للاستهلاك، هذه القيم يجب أن تكون أنت من يغرسها في ابنك وبنتك، عندما تحدث حادثة ويكررها التليفزيون الكبير يفهم أنها حادثة واحدة ولكن الطفل يفهم أنها أكثر من حادثة، تكرار المشاهد المأساوية يدمر نفسية أولادنا، فيجب أن تكون واعي، هل يوجد في حياتك أهم من أولادك؟! لا يوجد … يجب أن تعلمهم وأن يكون لديهم افراز الصح من الخطأ ما يناسبني وما لا يناسبني يتعلمها ويكبر بها.٣- هناك رجل عاقل بنى بيته على الصخر فحدث ثلاث أشياء:١. نزلت الأمطار ٢. جاءت الأنهار (فيضان)٣. هبت الرياح فوقعت على هذا البيت فلم يسقط لأنه كان مؤسس على الصخر، والثاني رجل جاهل بنى بيته على الرمل وحدث نفس الشيء الأمطار والأنهار والرياح فصدمت هذا البيت فسقط وكان سقوطه عظيمًا، الكتاب المقدس يقرر لنا أن الصخرة هى المسيح، فهل تربي ابنك على أساس الصخر أم الرمل، هناك أشياء كثيرة في الميديا ثقافات وهمية زائفة، وكل ما تبنيه في أولادك ممكن أن يتهد في ثواني لذلك نكرر ونقول أن الأباء والأمهات هم الآلات التي كرسها الله لبناء جيل المستقبل، لتبني أولادك على الصخر وليس الرمل لا تستهين بذلك… وهذا ما يجعلنا نرى انحرافات لا تنتهي ارجوكم خدوا بالكم كل سير القديسين التي نقرأها خلفهم أسر قوية ربتهم صح، أوعى تكون بتربي أولادك بطريقة خطأ هذه خطية كبيرة جدًا لأن الله يستودعك أمانة لكي تحافظ عليها وتنميها وتكبرها ليكون إنسان ناضج قوي في إيمانة ونقي في قلبه.٤- ايجادة التواصل الأسري: يجب أن يكون هناك قنوات مفتوحة بينك وبين أولادك صغار وكبار، لا تتخيلوا أهمية التواصل الأسري، هذا التواصل يحفظ الإنسان من السلوك المنحرف (الأدمان- الأباحية) اهتم أن يكون هناك حوار بينك وبين أولادك وأن يكون هناك حوار روحي وصلاة نتبادلها ونقرأ سير قديسين ونشرحها ويكبروا بها، هذا التواصل الأسري وسيلة قوية أن تبني أولادك مثل الرجل العاقل تبنيهم على الصخر.٥- تضع حدود، وتعليم الحدود شيء مهم في تربية أولادنا منذ الصغر وتربية أولادنا تحتاج كلمة (نعم ولا) لأن كلمة “لا” ابني هيحتجها عندما يقف أمام الخطية فيجب تعلمهم الحدود السلوكية ويكبرعليها وهذا ما يسمه إشعياء النبي “تمشي ابنك في طريق القداسة” (اش ٣٥: ٨)، ومع طريق القداسة يحتاج نوع من التشجيع باستمرار وكل هذا يحتاج الصبر والاحتمال وليس عبثًا أن نصلي كل يوم “محتملين بعضكم بعضًا في المحبة مسرعين إلى حفظ وحدانية الروح برباط الصلح الكامل” ضع هذه الأرشادات الخمسة أمامك وأنت تبني.كل الميديا تكون من خلال عنينه لذلك يسموا هذا الزمن “عصر الصورة” المسيح علمنا في بداية الموعظة على الجبل ” فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا ” إذا ربيت أنت كأب أو أم أو خادم أو مدرس بعين بسيطة ونقية هتقدر تزرع في أولادك العين النقية فيكون جسدك كله منور مقدس، يجب أن تطبقها على أولادك أنك تنشئ فيهم العين النقية. يحكى في سير الشهداء أن قديسة أطلقوا عليها الأسود فجسمها تعرى فكان ما يشغلها جسدها وليس الوحوش، نسمع عن ديديموس وتيدورا… تيدورا رفضت أن تنكر الإيمان فوضعوها في بيت من بيوت الشر فظلت تصلي وأتى لها ديديموس وابدل ملابسه معها فهربت وعندما اكتشفوا ماذا فعل أخذوه لساحة الإستشهاد فأتت ديدورا وقالت له “لاتسرق أكليلي” ويقول لنا التاريخ أنهم استشهوا في نفس الوقت. يجب أن نربي في أولادنا العين النقية لأن من خلال العين والأذن ٨٨% من المعرفة لدى الإنسان، ونسمع عن حوادث كثيرة من خلال الإنترنت، فأرجوكم أنتم حراس النقاوة في حياة أولادكم ليكون ابنك إنسان كامل وناضج ويفتح بيت وبهذه الصورة نربي أولادنا ويحق لنا أن نقول أننا أولاد الأبطال… أبطال الإيمان والعفاف الذين يحرسوا نقاوة الإنسان وهذه مسئولية علينا كلنا سواء في البيت أو الكنيسة والمدرسة. ربنا يحافظ عليكم ويعطينا دائمًا من روح أبائنا الشهداء. لإلهنا كل مجد وكرامة من الأن وإلى الأبد آمين.
0 comments