بحضور الرئيس اللبنانى قداسة البابا يشارك فى افتتاح مقر بطريركية السيريان ببيروت
شارك قداسة البابا تواضروس الثانى فى افتتاح المقر البطريركي السرياني الجديد بحضور الرئيس اللبنانى ميشال عون ورؤساء الكنائس الشرقية ببيروت واليكم كلمة الرئيس اللبنانى
“أصحاب القداسة والنيافة والغبطة والسيادة أيها الحضور الكريم يسرني أن أكون حاضرًا افتتاح مقر جديد لبطريركية أنطاكية وسائر المشرق في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية بما يحمل هذا الحدث بتشبث بالأرض والجذور وتثبيت للوجود والهوية من حيث هو رد على كل محاولات تفريغ المشرق من بعض مكوناته ورسالة واضحة لمن خطف المطرانين العزيزين (يوحنا ابراهيم ابن هذه الكنيسة وبولس اليازجي) في حين أن المشرق ليس بطارئين على هذه الأرض ولا هم جاليات غريبة ، فيها انطلقت البشارة على خطى بولس الرسول ومن هنا انطلقوا ليتلمذوا جميع البشر حاملين رسالة السيد المسيح من المشرق إلى الكون.
صحيح أن في التاريخ والحاضر جراحات كثيرة ولكن فيهما حقبات مجيدة أعطت العالم ثقافة وحضارة من أعمق الحضارات.
نعم لقد سالت دماء غزيرة على هذه الأرض وقدم السريان مئات الآلاف من الشهداء ومثلهم قدم الأرمن ومسيحيو جبل لبنان. فمن المجازر الحميدية أيام السلطان عبد الحميد الثانى ١٨٩٤ وعم ١٩٩٦ التي سقط فيها أكثر من ثلاثة مئة ألف شهيد إلى المذابح التي جرت خلال الحرب العالمية الأولى وتركت قرابة من مليون ونصف شهيد من السوريانيين والأرمن والأشوريين والكلدان التي أسماها السريان (مذابح سيف) أضف إليها شهداء المجاعة في لبنان وصولًا إلى حرب الإرهاب الحالية والمستمرة منذ سنوات في المنطقة والتي كان فيها المسيحيون ضحية عنف طائفي في حملة ممنهجة ومنظمة لاقتلاعهم من جذورهم وبشكل خاص في سوريا وبعض أن سبقتهم فلسطين فاستشهد من استشهد وخطف من خطف وشرد من شرد.
أما معظم من تبقى فبدأ رحلة البحث عن وطن بديل وهكذا مدن وقرى بكاملها أفرغت من مسيحييها ولكن هذا النسل البشري يجب أن يتوقف فالسلطات السياسية و الدينية مدعوة لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لمنع تفريغ الأرض من أهلها فلا مياه تنساب إذا جف النبع وأي مشروع يروي لخلق مجتمعات تقوم على الأحادية الدينية أو العرقية هو مشروع حرب لا تنتهي.
إن المشرق هو مهد الفكر الديني أعطى العالم الديانات الكونية وأوصلها لجميع الشعوب والأعراق ولطالما كان نموذجًا في التعددية والتسامح الديني. وقد عاش المشرقيون تنوعهم وصاروا نموذجًا فريدًا للتفاعل الثقافي والغنى الروحي والمعرفي ويقتضي علينا المحافظة عليه وحمايته في إطار احترام حرية المعتقد والاختيار.
أيها الحضور الكريم لقد درجت العادة على تسمية أقليات على بعض الطوائف فى لبنان ومنها السريان ونتج عن ذلك حرمانها من بعض حقوقها السياسية والوظائف العامة ومن الخطأ مقارنة الواقع اللبناني من منطلق أقليات وهذه البلد منذ منطلق التاريخ تهرب من الاضطهاد وتبحث عن ملاذ آمن وكم من أكثرية أصبحوا أقلية وكم من أقلية أصبحوا أكثرية.
في الحقيقة كلنا أقليات تجمعنا المواطنة والهوية وكلنا مكون أساس من مكونات الشعب اللبناني لذلك كان سعيي الدائم منذ كنت رئيس تكتل صغير والإصلاح لكي يكون للسريان الموضوع في خانة الأقليات حضورًا في السلطة وتمثيلهم الحقيقي في مجلس
ونستمر في هذا المسعى ، وعلمتنا التجارب أن الاستقواء من قبل طرف مذهب أو حزب يخلق عدم توازن لا بل أحيانًا اضطرابات أمنية واضعًا أمام عيني الوقوف لكل هذا.
سأسعى مع الجميع إلى ولادة حكومة تعكس رغبات هذا الشعب وتوصل صورة مشرقة لهذا العالم عن عزم هذا الشعب وتوازناته وتوصل صورة مشرقة عن عزمنا الأكيد كمسؤولين سياسيين في السير قدمًا في مشروع النهوض بالوطن والإصلاح
أيها الحضور الكريم
” أنت الصخرة يا بطرس على هذه الصخرة أبني بيعتي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها ”
بهذه الكلمات أعلن السيد المسيح تأسيس الكنيسة على صخرة الايمان الحاملة رسالة المحبة المقاومة للباطل المقاومة من أجل شهادة الحق والحقيقة المستمرة في الرجاء هذه هي مصادر إشعال المسيحية وسر قوتها وديمومتها. باقترابنا منها ننقل الجبال وابتعادنا عنها نضيع الطريق وإن كنا ونحن تحت التراب نبقى على رجاء القيامة.
عشتم وعاش لبنان وعاشت الكنيسة المسيحية.
0 comments