Saturday, November 23, 2024
x

احتجاجات من المسيحيين السريان على المناهج الدراسية في مناطق الإدارة الذاتية الكردية

تواجه سلطات الإدارة الذاتية المعلنة من جانب واحد في المناطق الكردية في سوريا احتجاجات من المسيحيين السريان على المناهج الدراسية، إذ تفضل مدارس عديدة يديرها السريان تدريس المناهج الحكومية.

إعلان

وتسبب الخلاف بإغلاق مدارس عدة تعتمد المنهج الحكومي في محافظة الحسكة في شمال شرق سوريا، ما يؤشر الى الانقسام في الأراضي الكردية بين مؤيدين للإدارة الذاتية التي أعلنت خلال النزاع المستمر منذ 2011، وآخرين موالين لسلطات دمشق.

وتصاعد نفوذ الأكراد الذين عانوا من التهميش على مدى سنوات طويلة في سوريا، في سنوات النزاع الأولى في شمال وشمال شرق البلاد مع انسحاب النظام تدريجيا منها. وتنضوي بعض الأحزاب السريانية وبينها الاتحاد السرياني، في الإدارة الذاتية التي أنشأها الأكراد بحكم الأمر الواقع اعتبارا من 2012 قبل إعلان النظام الفدرالي في مناطقهم في 2016.

كما قاتل المجلس العسكري السرياني إلى جانب الأكراد ضمن قوات سوريا الديموقراطية، وشارك في معارك عدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية بينها معركة مدينة الرقة.

في المقابل، يؤيد آخرون النظام، وعلى رأسهم “قوات الحماية السريانية” (سوتورو) التي قاتلت إلى جانب الجيش السوري في معارك عدة خصوصاً تلك التي هدفت لاستعادة السيطرة على قرى مسيحية في وسط البلاد.

في 28 آب/أغسطس، تظاهر عشرات السريان في مدينة القامشلي احتجاجاً على إغلاق الإدارة الذاتية الكردية لـ14 مدرسة في مدن القامشلي والحسكة والمالكية، ورفع المتظاهرون الأعلام السورية وأطلقوا الهتافات المؤيدة للرئيس بشار الأسد.

وتفرض الإدارة الذاتية التي تشدد دائماً على حقوق الأقليات، في مناطقها، اعتماد منهجها الدراسي الذي يختلف بين مدارس الأكراد والسريان، إذ يجدر بكل أقلية أن تدرس كافة المواد بلغتها الأم.

ويقول مدرس مادة العلوم في القامشلي داني صليبا لوكالة فرانس برس “التعلم باللغة الأم حق من حقوق كل الشعوب في المنطقة (…) لكن المشكلة تكمن في الاعتراف بهذه المناهج”.

ويضيف “ليست هناك اي جامعة سواء داخل سوريا او خارجها تعترف بهذه المناهج او حتى بالشهادة الممنوحة من هيئة التربية والتعليم في الإدارة الذاتية”.

ولا تعترف دمشق بالإدارة الذاتية الكردية وتؤكد إصرارها على استعادة كل الأراضي التي خرجت عن سيطرتها بما فيها مناطق الأكراد التي تتواجد فيها قوات أميركية وفرنسية ضمن التحالف الدولي بقيادة واشنطن. وبدأت الحكومة السورية مؤخراً مفاوضات مع الأكراد تهدف للتوصل إلى حل وسط بين الطرفين. وفي وقت يصر الأكراد على الحكم “اللا مركزي” في مستقبل سوريا، تسلط دمشق الضوء على قانون يمنح صلاحيات أكبر للبلديات.

أي اعتراف؟

ويتبع السريان التقليد المسيحي الشرقي ويصلون باللغة الآرامية. ويشكل السريان الارثوذكس والكاثوليك نحو 15 بالمئة من مسيحيي سوريا البالغ عددهم 1,2 مليون. ويمثل السريان المذهب المسيحي الأكبر في القامشلي.

وتصاعد الاحتقان بعد إغلاق المدارس، وتجري مفاوضات بين رافضي المناهج السريانية وعلى رأسهم كنيسة السريان الأرثوذكس والإدارة الذاتية للتوصل الى حل.

وأعلنت مطرانية السريان الأرثوذكس في المنطقة الثلاثاء إعادة “افتتاح المدارس الخاصة”، ما يوحي بأنه تم التوصل الى حل ما لم يكن في إمكان فرانس برس التأكد منه على الفور.

ويُحسب المسيحيون إجمالا في سوريا على النظام الذي يعتبرونه حاميا للأقليات، وإن كان قسم منهم انضم الى المعارضة.

ويدافع السريان عن موقفهم في اعتماد المنهج الدراسي الحكومي. ويتساءل الأب صليبا العبدالله في كنيسة السيدة العذراء في القامشلي “من يعترف بهذه المناهج دولياً؟ هل هناك دولة تعترف بالواقع الموجود في الجزيرة؟”، في إشارة إلى محافظة الحسكة، وهو الاسم الذي يطلقه الأكراد على المحافظة التي تشكل أحد أقاليم إدارتهم الذاتية الثلاثة.

ويوضح العبدالله “إذا كانت هناك دولة او أكثر تعترف بهذا الواقع، عندها لن تكون هناك مشكلة، لكننا تحت سلطة الأمر الواقع”، مشدداً على أن “شرعية مدارسنا هي من شرعية حكومة الجمهورية العربية السورية”.

في المقابل، تقول إليزابيت كورية، رئيسة الجمعية الثقافية السريانية التابعة للادارة الذاتية، لفرانس برس “هدفنا إبقاء أبواب مدارسنا مفتوحة وليس اغلاقها (…) لكن منهج الدولة السورية كان فيه الكثير من الإقصاء”.

وتضيف “هناك فرق كبير مع أن يتعلم الطفل بلغته الام ليرتبط بشعبه وأرضه ووطنه وكنيسته (…) كي لا يتقمص أولادنا شخصية الغير بل يحافظوا على هويتهم”، مشيرة إلى أن “المنهج البعثي (في إشارة إلى حزب البعث الحاكم في سوريا) الإقصائي كان هدفه تحويل هذا الشعب من هوية الى مذهب ودين، وإفراغ شخصيته القومية”.

في معهد لتعليم اللغة السريانية في حي الوسطى ذي الغالبية الكردية، يجلس طلاب بلباسهم السرياني التقليدي يستمعون لمدرستهم سميرة حنا (47 عاماً).

وتقول حنا “في مدارس الدولة في السابق كنا نتعلم المواد باللغة العربية، ولم نكن نتلقى سوى دروساً دينية باللغة السريانية”. أما اليوم فقد تغير الحال تماماً، “بتنا ندرس الرياضيات والتاريخ والجغرافيا باللغة السريانية”، مضيفة “أنا سعيدة جداً لأنني أعلم أطفالي بالسريانية”.